تستيقظ من نومها بمزاج غير رائق وعينين منتفختين وحلم غامض يحتل مؤخرة ذهنها... لا تذكر تفاصيل الحلم بدقة... فقط أشباح صور من هنا وهناك... تغمض عينيها لتغسل وجهها فتفاجئها صورة من الحلم... وحدها تركض شبه عاريه في شارع مظلم خال من البيوت... خرابة كبيره... تصرخ بدون صوت... تغسل وجها بعنايه لتزيل بقايا الحلم... فلا تزول... تعد قهوة الصباح من بن محوج... يبهجها طعم المستكه الملحوظ فى ماركة البن التى تستخدمها... تضعها علي النار وتراقبها فى صمت محاولة استرجاع مشهد بعينه من الحلم... فلا تفلح... يظهر لها من المشهد تكوين مشوه لوجه مألوف... تفتح علبة بلاستيكية لتتناول منها قطعة كورواسون وتتركها مغلقه بغير إحكام ... ترشف قهوتها بهدوء في الشرفه وتلوك قضمات الكورواسون بغير تركيز... يظهر لها المشهد بوضوح وهي تغسل الأوانى المتبقيه من عشاء الليلة الفائته... وجه مألوف ينظر فى وجهها بخبث بينما هى غارقة فى بحيرة موحلة حتى فخذيها تصارع من أجل الخروج... عندما تخرج في النهاية تنظر إلى الكيان الواقف بغير اكتراث وتمضى... نافضه بيديها ماعلق بملابسها من أوحال... لم تستطع أن تميز لمن هذا الوجه الأنثوى المألوف فقد تغير في الثانية الواحدة ألف مرة... متخذا في كل مره شكل شخصية وثقت بها ذات مره... من بين كل الوجوه الألف علق بذهنها وجه واحد لسيدة لم ترها من قبل... لبقية اليوم وهذا الوجه يحتل مؤخرة ذهنها... تتحقق من وجوه كل العابرات أمامها... تتفحص وجوه السيدات في عربة المترو... بلا طائل... لم تتعرف على ذلك الوجه حتي نهاية اليوم... فى الليلة التالية... راودها حلم اخر.. لنفس السيدة ذات الوجه الغير مألوف... تجد نفسها جالسه فى فوتيه أنيق بغرفة فارغه... تدخل هذه السيدة... ترمقها بنظرة حاده وابتسامة ساخره... عندما تقترب من موضه قدميها تستحيل إلى عقرب... ثم تستحيل إلي حية تسحف متسلقة الفوتيه... يصدر عنها فحيح مخيف... فجأة يدخل الغرفه عم لها مات من عشرة أعوام... تحاول الصراخ... بلا فائدة... كالمعتاد فى أحلامها يخرج صراخها بغير صوت... يجيل العم نظره فى الغرفة متفحصا جدرانها العارية... يطرق الحائط الكائن خلف الفوتيه فينفتح علي غابة موحشه... تقفز هي من الفوتيه راكضه نحو باب الغرفه... تحاول فتحه فلا ينفتح... يقبض عمها بكفه على أحد كتفيها... بتسم بهدوء ويشير نحو جسد الحائط المفتوح فترى رجل بعمامة ينفخ في مزمار لا يصدر صوت... وتري الحية ترقص علي نغمات وهمية وتتضخم حتي تصير بحجم السيدة... وبالتدريج تتخذ هيئتها الآدمية الأولى وتخطو بثبات نحو الغابة المهجورة... قبل ان تختفي تماما تستدير لتواجه عينيها عيني الفتاة تماما... ترمق في عينيها دمعات سوداء بلون الدم المتجلط... تخفض وجهها فى الأرض وتهرول مختفية داخل الغابة حتى تتلاشى تماما... تتعالى صرخات وحشية من داخل الغابة وترتج الأرض تحت قدميها وفي أقل من ثانية تحترق الغابة وتستحيل رمادا... يعطيها العم نبتة ياسمين لتزرعها مكان الغابة المحروقة... تغرسها في الأرض فتنمو فروعها قبل أن تستقيم واقفة... تشكها بقايا نبتة محروقه في باطن قدمها اليمنى... تضىء من خلفها الغرفة بأنوار ملونة... تمشى نحو الغرفة بخطى قصيره... بكل خطوة تخطوها يصدر عن الأرض نغم هادىء وتنبت وردة حمراء حيث وطأت الأرض... فتبدأ الفتاة في رقصة هادئة في كافة أرجاد الغابة... حتي تتبد الحرائق بحديقة يفوح منها عطر الياسمين وتكتسى أرضها بوردات حمراء... تختفي الغرفة تماما ويبقى الفوتية حيث تركته... فتتقوع فيه وتنام...